أخبار الحرامية والنصابين
كل شيء في مصر قابل للسرقة
حتى إذا ترك البواب المقشة والخيشة التي يمسح بها السلم بجوار الحائط يعود ولا يجدهما.. فالسرقة الآن أصبحت في وفرة الماء والهواء
إذا لم تتعرض للسرقة في هذا البلد حتى الآن فلا شك ان هناك شيئاً غير طبيعي.. فيك أو اللصوص الذين لم ينتبهوا إليك حتى الآن
*******
أدى تدهور المستوى الاقتصادي للناس بسبب ارتفاع الأسعار وتدنّي الأجور بإلقاء عشرات من الحرامية الجدد الى السوق.. فكلمت زاد عدد الفقراء زاد عدد اللصوص.. والأذكياء منهم هم الذين يطلق عليهم اسم النصابين
هناك أشخاص متخصصون في السرقة من المحلات التي تقدم خدمة التوصيل للمنازل، حيث يتصلون بالمحل من كابينة هاتف ويطلبون شيئا بخمسة جنيهات مثلا ويطلبون باقي مائة جنيه لأنه لا توجد فكة معهم، ويعطونه عنوانا في عمارة لا يكون لها بواب في الغالب، وعندما يأتي فتى التوصيل ينتظرونه في بئر السلم ويضربونه ويأخذون باقي المائة! وفي أحيان أخرى يقول له النصاب إنه سائق الباشا اللواء ويأخذ منه الأشياء المطلوبة وباقي المائة ويطلب منه أن ينتظره بالأسفل حتى يحضر له المال لأن الباشا لا يحب أن يصعد إليه أحد، ثم يصعد إلى أعلى ويختفي
*******
زميل لي يعمل في صيدلية دخل إليه زبون طلب منه دواء من الأدوية التي توضع في الثلاجة، وعندما دخل المعمل ليحضره خرج ولم يجد ستاند أمواس الجيليت باهظة الثمن
وإذا ذهبت إلى سوبر ماركت مترو ستجد أنهم قاموا مؤخرا بوضع قفل حديدي على كل قضيب معدني توضع عليه هذه الأمواس، ربما ترى أن وجود حوالي ثلاثين قفلا بثلاثين مفتاحا على ستاند واحد هو شيء عجيب، لكن يبدو أنهم سُرِقوا بما فيه الكفاية حتى لجئوا إلى هذا الحل المرهق. وفي آخر مرة كنت فيها في كارفور ذهبت إلى قسم الملابس ووضعت يدي في جيب جاكيت أعجبني لأجد علبة فارغة من علب أمواس الجيليت هذه! ويبدو أن السارق أخذ الأمواس في جيبه وتخلص من العلبة الفارغة في هذا المكان الغريب
لقد سُرقت من الصيدلية التي أعمل فيها بما فيه الكفاية أيضا، حتى أنني أصبحت أشك في كل من يأتي ويطلب دواء غالي الثمن، فحرامية الأدوية يعرفون بالضبط ما هي الأدوية التي تستحق السرقة، الأدوية مرتفعة السعر والتي عليها طلب وبالتالي يستطيعون تصريفها بسهولة، ويعرفون أيضا ما هي الأدوية التي تتكامل مع بعضها لعلاج مرض واحد حتى لا يشك الصيدلي في الحرامي
*******
لقد انتهى الآن عصر خدعة: هاجيب باقي الفلوس من العربية.. التي ينطلق بها دون أن يدفع، وأصبحت السرقات أكثر مباشرة، مثل أن يطلب عدة أشياء تضعها على الكاونتر أمامه ثم يطلب شيئا آخر وهو يعد النقود ليدفع وبمجرد أن تلتف يأخذ الأدوية باهظة الثمن التي طلبها وينطلق جريا إلى سيارة تنتظره أمام الباب. والغريب أن الحرامية من هذا النوع يقومون بهذا النوع من السرقات وهم يرتدون البدلات الرسمية وربطة العنق حتى أنك لا يمكن أن تشك للحظة أن يكون هذا الشخص الأنيق المهذب لصا! هناك أيضا خفيفو اليد الذين يستبدلون العلبة المليئة بأخرى فارغة في لحظة ثم يكتشفون عند الدفع أنه لا توجد في جيوبهم سوى دولارات فيذهبون لاستبدالها من الصرافة لتكتشف عندما لا يعودون أن العلب التي تركوها فارغة
هناك بنت لطيفة تسرق الصيدليات بطريقة مبتكرة، إذ تدخل الصيدلية وفي لحظة واحدة.. وبخفة يد لا تصدق.. تسرق علبة أمواس جيليت.. الجيليت مرة أخرى، ثم تتشاجر مع الموجودين لأنها تريد إرجاعها على أساس أنها اشترتها أمس وليس هذا هو النوع الذي تريده، ورغم أن أحدا لا يتذكر أن هذه الفتاة اشترت هذه الأمواس من المكان، إلا أنهم يعطونها ثمنها على أساس أن عليها تيكيت الصيدلية. وقد نفذت هذه البنت هذه الطريقة مع كل صيدلية أعرفها
*******
أما عن سرقة الموبايلات فحدّث ولا حرج. فقد تحولت سرقة الموبايلات إلى مهنة مستقلة وصناعة كاملة تقتات منها مئات الأسر! حتى أن كل أنواع السرقات الأخرى قد خفت وطأتها بعد ظهور الموبايل لأنه استحوذ على وقت وجهد معظم الحرامية! فقد أصبح كل شخص يسير في الشارع وفي جيبه جهاز بالشيء الفلاني، وكل حقيبة سيدة بها موبايل، أي أن أي شخص يسير في الشارع أصبح يستحق السرقة بعد أن كان الحرامي يخاطر فيما مضى بسرقة شخص ثم يتضح أن محفظته ليس بها عشرة جنيهات
أصبحت هناك عشرات الطرق المبتكرة لسرقة الموبايلات فضلا عن السرقة بالإكراه. إذا كنت تضع الموبايل على الطاولة أمامك في أي مكان.. نادي.. مطعم.. تابلوه السيارة.. كاونتر محل أو ما شابه، يأتي إليك شخص من اليمين بحيث تلتفت له برأسك ليحدثك أو يسألك عن شيء ما، ويأتي شخص آخر من اليسار يأخذ الموبايل وينصرف
هناك عصابة من شخصين أو ثلاثة تذهب إلى محلات الموبايل لانتقاء واحد، وعند الدفع يذهب أحدهما ليحضر النقود من السيارة، وعندما يتأخر يذهب الآخر ليرى لمَ تأخر صديقه، وعندما لا يأتي الاثنان يفتح صاحب المحل علبة الموبايل التي كانا سيبتاعانها ليجدها فارغة! هناك شاب لطيف يدور على المحلات ويقابل صاحب المحل ليتعرف عليه ويخبره أنهم افتتحوا محلا للموبايلات بجواره وأنه بمناسبة الافتتاح وحق الجيرة يريد أن يعطيه جرابا جديدا ونغمات مجانية للموبايل، وأن عليه أن يرسل أحد العمال معه بالموبايل ليضع له النغمات، ويخرج هو والعامل ويظلوا يسيرون إلى أن يصل إلى أحد محلات الموبايل، ويقول للعامل إن سيارة صاحب المحل غير موجودة ولهذا ستضطر أن تترك لي الموبايل إلى أن يأتي صاحب المحل ليضع النغمات و"الحاج عارف المكان"، يترك له العامل العبيط الموبايل ويذهب بينما يرحل النصاب بالموبايل. وهناك طرق عديدة أخرى يحتاج تعديدها إلى كتاب كامل. أما عن محاولة إرجاع الموبايل عن طريق التبليغ عن الرقم المتسلسل فأصبحت لا تجدي الآن، فهناك برنامج يستعمله لصوص الموبايلات لتغيير الرقم المتسلسل للجهاز وبالتالي لا يمكن التوصل إليه
*******
أصبح كل شيء في مصر قابل للسرقة مهما كان تافها وحقيرا، لذا انتبه جيدا لأننا نعيش في زمن النصب
*******